-->

Translate

قصرا المورق والجعفرية شاهدا الإبداع المعماري في عصر ملوك الطوائف

قصرا المورق والجعفرية شاهدا الإبداع المعماري في عصر ملوك الطوائف
    ساحة قصر المورق في إشبيلية 

    قصر المورق

    يعد قصر المورق من أجمل القصور الأندلسية في إسبانيا. وقد كان في الأصل حصنًا منيعا للمسلمين في مدينة إشبيلية ثم بناه بعد ذلك المعتمد بن عباد قصرا للحكم توافد عليه أمراء وملوك مختلفين، كل واحد منهم قام بترميمه ووضع لمسته الخاصة. 

    يضم المورق أجنحة عديدة وأبنية وغرف مزخرفة بأشكال هندسية متقنة وكلمات عربية بليغة وتحيط به بساتين وحدائق غناءة تشرح النفس وتبهج القلب، واستعمل في بنائه الخشب المزخرف والجبس والفسيفساء جميلة التي تزين جدران غرف وأركانه. ويعتبر قصر المورق أفضل مثال عن الفن المعماري المدجن في إسبانيا، فالأبنية الحالية ترجع إلى سنة 1360م ، فترة حكم الملك القشتالي بيدرو الأول إذ قام بتجديد القصر على طريقة معمار الإسلامي الموريسكي وجلب لذلك عمالا وحرفيين مسلمين من غرناطة ليحاكي قصره في جماله قصر الحمراء.

    وما يلفت الانتباه في قصر المورق هي تلك الحديقة ذات الشكل المستطيل الموجودة في وسط القصر والمحاطة بأعمدة رخامية وأقواس مزخرفة والتي يزين وسطها حوض مائي مستطيل الشكل، تصطف على جنباته أشجار البرتقال المثمرة، بينما يقع ممشى الحديقة في مستوى مرتفع عن مستواها وقد صممت بهذا الشكل ليسهل على الأمير وسكان القصر قطف ثمار الأشجار المثمرة وتذوقها في أثناء تنزههم في القصر بحيث تكون الثمار على مستوى اليد.

    وما زالت الأسرة الملكية الإسبانية تستخدم قصر المورق كمكان إقامة لأفراد العائلة الملكية عند حلولهم بإشبيلية. فغرف الطابق العلوي للقصر محجوزة لأفراد العائلة الحاكمة وهي غير مفتوحة للعموم ويكون القصر مغلقا في وجه الزوار عند تواجد أفراد من العائلة المالكة فيه.

    قصر الجعفرية

    ساحة قصر الجعفرية في سرقسطة 

    يوجد بمدينة سرقسطة، بناه المقتدر بن هود في القرن الحادي عشر الميلادي، في عهد ملوك الطوائف، وهو قصر منيع يحيط به سور مستطيل الشكل وأبراج اسطوانية وأبراج أخرى مستقيمة للدفاع عن القصر، توجد في داخله غرف مرتبة حول صحن القصر الذي يفضي إلى مسجد صغير فيه محراب على شكل حدوة فرس، وهو أول محراب اتخذ الشكل القرطبي في ذلك الوقت. أما قوس المدخل فمرصع بنقوش قليلة النتوءات، وهي كذلك ميزة للنحت والنقش القرطبي، غير أن هناك تصميما قام  به المهندسون المعماريون في قصر الجعفرية جعله يتميز عن الهندسة المعمارية القرطبية،  فقد فصلت الأقواس، بخلاف ما كان عليه الحال في قصر الحكم الثاني بقرطبة حيث الأقواس متشابكة، وهكذا يظهر في قصر الجعفرية كل قوس وكأنه نموذج من الخط العربي. كما جُعلت للأقواس رؤوس مخروطية مما زاد في طولها وأكسبها دلالة خاصة، عدا ما تميزت به من تيجان بأشكال ورقية نباتية مزخرفة متداخلة بشكل شائك. كما تميزت الأقواس بفصوص عديدة بها طنف ونتوءات وهي ميزة معمارية تجميلية.

    وهذه النزعة تتجلى في نقش جصي من القصر محفوظ في متحف الآثار الوطني بمدريد،  فإن جانبي القوسين لا يلتقيان، بل يفصل بينهما عدد كبير من الأعمدة المزخرفة مدعمة بأعمدة صغيرة وتيجان.

    وقد تعهد حكام سرقسطة الفن القرطبي بالرعاية؛ إذ أعجبوا به أيَّما إعجاب، لما يحمله من دلالات عميقة.

    حازم غيث
    @مرسلة بواسطة
    كاتب لدى موقع أندلسية .