في سنة 478 هـ، 1085م وفي مراكش يستقبل يوسف بن تاشفين الوفد الذي جاء من قِبل بعض ملوك الطوائف -كما ذكرنا- يطلبون العون والمساعدة في وقف وصدّ هجمات النصارى عليهم، وإذا به يتشوّق لمثل ما يطلبون، حيث الجهاد في سبيل الله ومحاربة النصارى، فيا لها من نعمة، ويا لها من أمنية.
يدخل يوسف بن تاشفين أرض الأندلس، ويدخل إلى إشبيلية والناس يستقبلونه استقبال الفاتحين، ثم يعبر في اتجاه الشمال إلى ناحية مملكة "قشتالة" النصرانية، تلك التي أثارت الرعب في قلوب كل الأمراء الموجودين في بلاد الأندلس في ذلك الوقت، يتجه إليها في عزّة نفس ورباطة جأش منقطعة النظير بسبعة آلاف فقط من الرجال وانتصر عليهم.
بعد عودة يوسف بن تاشفين إلى أرض المغرب، حدثت الصراعات بين الأمراء الموجودين في بلاد الأندلس بسبب الغنائم وتقسيم البلاد المحرّرة.
وهنا ضج علماء الأندلس وذهبوا يستنجدون بيوسف بن تاشفين من جديد، لا لتخليصهم هذه المرة من النصارى، وإنما لإنقاذهم من أمرائهم.
لم يجد يوسف بن تاشفين إلا أن يستجيب لمطلبهم، فقام في سنة 483 هـ، 1090 م وبعد مرور أربعة أعوام على موقعة الزَلَّاقة، جهّز نفسه ودخل الأندلس واستولى عليها مؤسسا دولة المرابطين.
لقد مر وجود المرابطين في الأندلس بمراحل ثلاث:
1 - مرحلة التدخل من أجل الجهاد وإنقاذ المسلمين، وقد انتهت بانسحاب المرابطين بمجرد انتصار الزلاقة.
2 - مرحلة الحذر من ملوك الطوائف، بعد أن ظل وضعهم وضع التنافر والتحاسد والتباغض، ولم يفكروا في الاندماج في دولة واحد، بل فضل بعضهم التقرّب إلى الأعداء للكيد ببعضهم.