والنَّجــمُ لــم يَرَنـا إِلاّ عـلى قـدمٍ
|
قيــامَ ليـل الهـوى، للعهـد راعِينـا
|
كزفْــرَةٍ فـي سـماءِ الليـل حـائرةٍ
|
ممَّــا نُــرَدِّدُ فيـه حـين يُضْوِينـا
|
باللـهِ إِن جُـبتَ ظلمـاءَ العُبـابِ على
|
نجــائبِ النُّــورِ مَحْــدُوًّا (بجرينا)
|
تَــرُدُّ عنــك يــداه كـلَّ عاديـةٍ
|
إِنْسًــا يَعِثْــنَ فسـادً، أَو شـياطينا
|
حـتى حَـوَتْكَ سـماءُ النيـلِ عاليـة
|
عــلى الغيـوث، وإِن كـانت مَيامينـا
|
وأَحـرزتكَ شُـفوفُ الَّـلازوَرْدِ عـلى
|
وَشْـيِ الزَّبَرْجَـدِ مـن أَفْـوَافِ وادينـا
|
وحــازكَ الـريفُ أَرجـاءً مُؤَرَّجَـةً
|
رَبَــتْ خمــائلَ، واهـتزَّت بسـاتينا
|
فقِـف إِلـى النيـل، واهتف في خمائِله
|
وانـزل كمـا نـزل الطـلُّ الرَّياحينـا
|
وآسٍ مـا بَـاتَ يَـذْوِي مـن منازلنـا
|
بالحادثــات، وَيضـوَى مـن مغانينـا
|
ويـا مُعطِّـرَةَ الـوادي سـرَتْ سَـحَرًا
|
فطــابَ كـلُّ طـرُوحٍ مـن مرامينـا
|
ذَكِيَّــة الــذَّيل، لـو خِلْنَـا غِلالتهـا
|
قميـصَ يوسـفَ لـم نُحسَـبْ مُغالينـا
|
جَشـمتِ شَـوْكَ السُّـرَى حتى أَتيْتِ لنا
|
بــالوَرْدِ كُتْبً، وبالرَّيَّـا عناوينـا
|
فلــو جزينــاكِ بــالأَرواح غاليـةً
|
عـن طيـب مَسْراك لم تنهضْ جَوازينا
|
هــل مـن ذيـولكِ مسْـكِيٌّ نُحَمِّلُـه
| غـرائبَ الشـوق وَشْـيًا مـن أَمالينا؟ |
إِلــى الــذين وجدنــا وُدَّ غـيرِهمُ
|
دُنْيَ، وودَّهمـو الصـافي هـو الدينـا
|
يـا مـن نَغـارُ عليهـم مـن ضمائرِنا
|
ومـن مَصـون هـواهم فـي تناجِينـا
|
نـاب الحَـنِينُ إِليكـم فـي خوَاطِرنـا
|
عــن الــدّلال عليكـم فـي أَمانينـا
|
جئنـا إِلـى الصـبر ندعـوه كعادتنـا
|
فــي النائبـاتِ، فلـم يـأْخذ بأَيدِينـا
|
ومــا غُلِبْنـا عـلى دمـعٍ، ولا جَـلَدٍ
|
حـتى أَتتنـا نَـواكُمْ مـن صَياصِينـا
|
ونــابِغيٍّ كــأَنّ الحشــرَ آخــرُه
|
تُميتُنــا فيــه ذكــراكم وتُحيِينــا
|
نَطـوي دُجَـاه بجُـرحٍ مـن فراقِكمـو
|
يكــاد فـي غلَس الأَسـحار يَطوِينـا
|
إِذا رَسـا النجـمُ لـم ترْقـأْ مَحاجِرُنـا
|
حــتى يـزولَ، ولـم تهـدأْ تراقِينـا
|
بتنـا نقاسِـي الـدواهي مـن كواكِبـه
|
حــتى قعدنـا بهـا حَسْـرَى تُقاسِـينا
|
يبــدو النهــارُ فيخفيــه تجلُّدُنــا
|
للشـــامتين، ويَأْسُـــوه تأَسِّــينا
|
سَــقْيًا لعهـدٍ كأَكنـافِ الـرُّبَى رِفـةً
|
أَنَّـى ذهبن، وأَعطـافِ الصَّبـا لِينـا
|
إِذِ الزمــانُ بنــا غَيْنــاءُ زاهِيـةٌ
|
تَــرِفُّ أَوقاتُنــا فيهــا رَيَاحينــا
|
الــوصلُ صافِيَــةٌ، والعيشُ ناغِيَـةٌ
|
والســعدُ حاشـيةٌ، والدهـرُ ماشـينا
|
والشـمسُ تَختـال فـي العِقْيان، تَحْسبها
|
(بِلقيسَ) تَـرْفُلُ فـي وَشْـيِ اليمانِينـا
|
والنيــلُ يُقبِــل كالدنيـا إِذا احـتفلتْ
|
لــو كـان فيهـا وفـاءٌ للمُصافِينـا
|
والسـعدِ لـوْ دامَ، والنعمَـى لوِ اطَّردتْ
|
والسـيلِ لَـو عَـفَّ، والمقـدارِ لَوْ دِينا
|
أَلقـى على الأَرض - حتى ردَّها ذَهبًا -
|
مـاءً لمَسـنا بـه الإِكْسِـيرَ، أَو طِينـا
|
أَعـداه مـن يُمْنِه (التابوتُ)، وارتسَمَتْ
|
عــلى جوانبـه الأَنـوارُ مـن سِـينا
|
لـه مَبـالغُ مـا فـي الخُـلْقِ من كرَمٍ
|
عهــدُ الكــرامِ، وميثــاقُ الوفيِّينـا
|
لـم يَجـرِ للدهـرِ إِعـذارٌ ولا عُـرُسٌ
|
إِلاَّ بأَيّامِن، أَو فـــي ليالينـــا
|
ولا حـوى السـعدُ أَطْغَـى فـي أَعِنَّتِه
|
منّــا جِيَــادً، ولا أَرْحَـى ميادِينـا
|
نحـن اليـواقيتُ، خـاض النارَ جَوهَرُنا
|
ولــم يهُــنْ بيَـدِ التَّشْـتيتِ غالِينـا
|
ولا يَحُــول لنــا صِبْـغٌ، ولا خُـلُقٌ
|
إِذا تلـــوّن كالحِرْبـــاءِ شــانِينا
|
لـم تـنزل الشمسُ ميزانً، ولا صعدَتْ
|
فـي مُلْكِهـا الضخْـمِ عرشًا مثلَ وادينا
|
أَلــم تُؤَلَّــهْ عـلى حافاتِـه، ورأَتْ
|
عليــه أَبناءَهــا الغُـرَّ الميامين؟
|
إِن غـازلتْ شـاطئيه في الضحى لبِسا
|
خمــائلَ السُّــنْدُسِ المَوشِـيَّةِ الغِينـا
|
وبـات كـلُّ مُجـاج الـوادِ مـن شجَرٍ
|
لــوافِظَ القــزِّ بالخيطــان ترمِينـا
|
وهـذه الأَرضُ مـن سَـهْلٍ ومـن جبلٍ
|
قبــل القيــاصر دِنَّاهــا فراعينـا
|
ولـم يَضَـعْ حجَـرًا بـانٍ عـلى حجرٍ
|
فــي الأرضِ إِلاَّ عـلى آثـار بانِينـا
|
كـأَن أَهـرامَ مصـرٍ حـائطٌ نهضـت
|
بــه يَــدُ الدهـرِ، لا بنيـانُ فانِينـا
|
إِيوانُــه الفخـمُ مـن عُليـا مقـاصِرِه
|
يُفْنِــي الملـوك، ولا يُبقـي الأَواوينـا
|
كأَنهــا ورمــالا حولهـا التَطمـتْ
|
ســـفينةٌ غَـــرِقتْ إِلاَّ أَســاطينا
|
كأَنهــا تحـت لأَلاءِ الضُّحَـى ذَهبًـا
|
كنــوزُ فِرْعـوْن غَطَّيْـنَ الموازينـا
|
أَرضُ الأُبُـــوةِ والميــلادِ طيَّبهــا
|
مَـرُّ الصِّبـا فـي ذيـول من تصابِينا
|
كــانت مُحَجَّلــةً فيهــا مواقِفُنــا
|
غُــرًّا مُسَلْسَــلَةَ المَجْـرى قوافينـا
|
فــآبَ مِــنْ كُــرَةِ الأَيـامِ لاعِبُنـا
|
وثــابَ مِـنْ سِـنَةِ الأَحـلامِ لاهِينـا
|
ولــم نَـدَعْ لليـالي صافيً، فـدَعتْ
|
بــأَن نَغـصَّ، فقـال الدهـرُ: آمينـا
|
لـو اسـتطعنا لخُضْنَـا الجـوَّ صاعِقةً
|
والـبرَّ نـارَ وَغًـى، والبحـرَ غِسْـلينا
|
سَـعْيًا إِلـى مصـرَ نقضِي حقَّ ذاكرنا
|
فيهــا إِذا نَسِــيَ الـوافي، وباكِينـا
|
كَــنْزٌ (بحُلوان) عنــدَ اللـهِ نطلبُـهُ
|
خــيرَ الـودائِع مـن خـير المؤدِّينـا
|
لـو غـاب كـلُّ عزيـزٍ عنـه غَيْبَتَنا
|
لــم يَأْتِـه الشـوقُ إِلاَّ مـن نواحينـا
|
إِذا حمَلْنــا لمصــرٍ أَو لـه شَـجَنا
|
لـم نـدْرِ: أَيُّ هـوى الأُمَّيْن شاجِين
|