-->

Translate

الأدب في عصر صراع الإمارة.

الأدب في عصر صراع الإمارة.

    طبيعة الصراع المجتمعي.

    شهدت هذه الفترة من عمر الإمارة بعض الصراعات المجتمعية، وبعض الثورات في مناطق كثيرة في البلاد، ولكن أمراء تلك الفترة لم يتركوا تلك أن تتزايد فظل كل أمير يناهض ويخمد إلى أن يتوفاه الله ويأتي من بعده ليكمل المسيرة، فنجد في عصر عبد الرحمن الأوسط خلافات بين المضرية واليمنية وثورة المولدين في طليطلة، وفي عصر ابنه محمد خرج ابن مروان الجليقي في ماردة وهجوم النورمان وثورة ابن حفصون التي أنهكت الإمارة وكلفتها كثيرا.

    ويأتي المنذر ويخلفه عبد الله إلى أن تضمحل تلك الخلافات في عهده.

    الثقافة ودعائمها.

    لقيت الثقافة الكثير من الدعم الذي يجعلها تقود المجتمع إلى التحضر والتحرر، فنجد قدوم أحد أهم موسيقيّ الشرق، وهو زرياب تلميذ إسحاق الموصلي حيث دخل في عهد الأوسط وبدخوله عرفت الأندلس الغناء والموسيقي وعرفت التفريق بين ملابس الشتاء وملابس الصيف ويدلنا قدوم زرياب على اهتمام الأمراء بالعلم على استقدام العلماء، وهو المنهج الذي صار عليه أمراء الأمويين وذلك التشجيع جعل المشارقة يلجئوا إلى الأندلس لما فيها من دعم. بالطبع كل هذا جعلنا نري أول فيلسوف أندلسي وهو محمد بن مسرة، وأول مؤرخ أندلسي وهو عبد الملك بن حبيب وإيجاد محولات فريدة من نوعها مثل محاولات عباس بن فرناس كالطيران وصناعة الزجاج من الحجارة وصناعته المثقال، وهي آلة لمعرفة الوقت وبالطبع انعكس ذلك على الشعر خاصة والأدب عامة كما سنرى فيما يلي.



    -الأشكال الأدبية في ذلك العصر.


    أولاً الشعر

    كما نعرف أن الشخصية الأندلسية صارت نحو التحدي مع المشرق وإثبات أنها قادرة على الخلق الأدبي الموجود في المشرق وأظن أنّ السير في هذا الاتجاه جعل البعض يقولن إنهم مقلدين فقط، ولكن كل محاولات الأندلس على مر عصورها الأدبية هي محاولات إثبات الجدارة، فنجد في ذلك العصر محاولات أو ظهور اتجاه التحديث في الموضوعات المتناولة في الشعر وذلك كما كان يحدث في المشرق على يد أبي تمام وأبي نواس. ومن الأغراض الجديدة:

    الخمريات كقول يحي الغزال:

    -ولما رأيتُ الشَّرب أكْدَتْ سماؤهم***تأبطت زقي واحتسبت عنائي

    -فلما أتيت   الحان   ناديت    ربه***فهب خفيف الروح نحو ندائي


    المجونيات كقول المطرف بن عبد الرحمن الأوسط:

    أفنيت عمرى في الشر***ب والوجوه    الملاح

    ولم أضيع    أصيلا***ولا   اطِّلاع     صباح

    والزهديات كقول الأمير عبد الله :

    يامن يراوغه الأجل***حَتَّامَ يلهيك الأمل

    حتام لا تخشى الردى***وكأنه بك قد نزل

    ظهر أيضا بواكير شعر الطبيعة في ذلك العصر حيث نجد عبد الرحمن الأوسط يقول :

    ما تراه   في   اصطباح ***وعقود  القطر    تنثر

    ونسيم الروض    يختا***ل على مسك     وعنبر

    نلاحظ الموضوعات أو الأغراض الشعرية الجديدة التي خاض فيها شعراء تلك الفترة فيها تجديد أسلوبي أي إذا كان الموضوع جادا التزمت روح المرارة والكآبة وإذا كان لاهيا تجد روح الدعابة والسخرية ولعل الداعي إلى ذلك التجديد التحرر وكثرة الغناء والموسيقى ومجلس الشراب بسبب إتاحة إنتاج الكروم وظهور علاقات الحب الشاذ ومن استنكر ذلك نجده ذهب إلى الزهد لذلك يكننا أن نقول أنّ الزهد والمجون رد فعل كل منهم مغاير للآخر من ناحية الانفتاح الذي وجد في ذلك المجتمع.

    وبالطبع مع ذلك التطور الذي وجد لقينا ردة الفعل الشعبي الطبيعية لما وجد في المجتمع ومع بداية انصهار العرب وغير العرب مع مقتضيات المجتمع تشكلت الموشحة الغنائية كردة فعل لكل هذا وسأفردها بموضوع خاص لوحدها.


    يحي الغزال.

    ولد سنة156هـ وتوفي سنة255هـ، وهو من شعراء الاتجاه المحدث الذي نقله عباس بن ناصح وهو أشهر شعراء تلك الفترة وأشهر شعراء الأندلس على الاطلاق.

    من الممكن أن نقسم حياته إلى ثلاث مراحل (شباب ـ الكبر والتعقل ـ الضعف والزهد)

    فمرحلة الشباب تتمثل في المجون والخمريات ومرحلة الكبر والتعقل تتمثل في قولة في علاقات الناس القائمة في المرأة وفي المرحلة الثالثة يأتي دور الزاهد.

    ومن شعره:

    فلما رأيت الشرب أكدت سماؤهم *** تأبطت زقي واحتسبت عنائي

    إن النساء لكا لسروج حقيقة*** فالسرج سرجك ريثا لا تنزل

    ألست تري أن الزمان طواني*** وبدَّل خلقي كله وبراني

    لعل شعر الغزال في مراحل حياته الثلاثة يكاد أن يغطي الأغراض الشعرية المستحدثة في ذلك العصر، وللغزال الكثير من النوادر التي قال فيها شعرا ومنه عند زيارته للإمبراطورة ثيودورا حيث يقول:

    كلُفتَ يا قلبي هوى متعبا*** غالبت الضيغم الأغلبا



    النثر

    الكتابة لم تعد وقفا على المسلمين والعرب فقط بل تخطت ذلك حيث نجد الإسبان مثل قومس بن أنتنيا.

    تطور فن الرسالة في ذلك العصر حيث تأثر الكتاب بأسلوب عبد الحميد الكاتب والجاحظ وساعد على هذا نقل الكثير من الآثار المشرقية على يد أبي اليسر الرياضي وغيره.

    أما عن الخطبة فوجد فيها المقدمة المسهبة والتحميد المطنب وذلك مثل خطبة الأوسط بعد دفن الحكم الربضي.

    ووجدت المحاورات أيضا كما في فترة التأسيس أظن أنه لم يختلف النثر كثيرا عن فترة التأسيس، ولكنه تأثر بما شهدته الفترة من تقدم.




    المصادر
    1ـ الأدب الأندلسي لأحمد هيكل.
    2ـ عصر الدول والإمارات شوقي ضيف.
    3ـ عصر سيادة قرطبة لإحسان عباس.

    Unknown
    @مرسلة بواسطة
    كاتب لدى موقع أندلسية .