-->

Translate

الأدب في عصر المرابطين والموحدين

الأدب في عصر المرابطين والموحدين











    تبدأ تلك المرحلة منذ دخول يوسف بن تاشفين إلى الأندلس؛ وذلك لاستعانة المعتمد بن عباد لصد أذى ممالك الشمال المسيحية، ومن بعدها بدأ عصر المرابطين في الأندلس وظلت الصراعات بين تلك الدولة وبين ممالك الشمال وبالطبع الصراع أدي إلى ركوض الحركة الأدبية ولم يكن الصراع وحده هو سبب الركوض فكان عدم كون المرابطين من غير العرب وعدم كون ابن تاشفين على درجة عالية من الثقافة كان ذلك من ضمن الأسباب.
    مما ذكر في المرابطين
    فقد أورد المراكشي أن الأمير المرابطي يوسف بن تاشفين لم يكن يقرب منه، ولم يكن يحظى عنده إلا من علم الفروع، يقصد فروع مذهب مالك. فنفقت في ذلك الزمن كتب المذهب وعمل بمقتضاها، ونبذ ما سواها، بل إن الفقهاء قرروا تقبيح علم الكلام.
    أما الشقندي فقد رأى أن يوسف بن تاشفين كان لا يفهم الشعر، وأنه لوْلا توسط ابن عباد الأندلسي بشعراء الأندلس في مدحه، لما أجروا له ذكرا، ولا رفعوا لملكه قدرا بعدما ذكروه بواسطة المعتمد، فان المعتمد قال له، وقد أنشدوه:
    “أيعلم أمير المسلمين ما قالوا؟” فقال يوسف بن تاشفين:” لا أعلم ولكنهم يطلبون الخبر”. ولما انصرف المعتمد إلى حضرة ملكه كتب ليوسف رسالة يقول أبياتا فيها:
    بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا                      شوقا إليكم ولا جفت مآقينا
    حالت لفقدكم أيامنا فغدت                          سودا، وكانت بكم بيضا، ليالينـا.
    فلما قرأ عليه هذين البيتين قال للقارئ: يطلب منا جواري سودا وبيضا؟
    قال: لا يا مولانا. ما أراد إلا أن ليله كان بقرب أمير المسلمين نهارا، لأن ليالي السرور بيض، فعاد نهاره ببعده ليلا، لأن ليالي الحزن ليال سود. فقال: والله جيد، اكتب له في جوابه أن دموعنا تجري عليه ورؤوسنا توجعنا من بعده.

    إن الفقهاء كانت لهم منزلة خاصة في الحياة المرابطية وأن التيار الفقهي لم يقف في وجه تقدم الآداب والعلوم كما يدعي الكثير من الباحثين، بل إن التيار لم يؤثر في الأدب ولم نجد في الأشعار التي وصلت إلينا اهتمام الشعراء بالمذهب المرابطي عكس ما حصل مع الموحدين. وهذا يدل على أن الفقهاء لم يحشروا أنفسهم في الآداب.

    وتظل تلك الدولة إلى أن تأتي دولة الموحدين، والتي كانت تهتم بالعلوم الدينية لأن سياستها تقوم على التوحيد فظهر العلماء في العلوم الدينية. وظل الصراع مع الممالك الشمالية كما كان الأمر أيام دولة المرابطين.

    ونجد في العلوم الدينية: أبو علي الصفدي، أبو علي الغساني، ابن أبي الخصال، ابن أيوب الفهري، أبو بكر المعافري المعروف بابن الجوزي، أحمد بن عبد الله بن الحطيئة اللخمي. 

     

    وعلى هذا لم تختلف أي من الدولتين عن الأخرى لذلك وجد ركوض في الأدب لتلك الأسباب من الصراعات وكون الحكام من الأمازيغ أو غيرهم، ولكن وُجد نوع من الشعر وهو الشعر الوصفي أو كما يطلق عليه شعر الطبيعة، وهو ما يمثل اتجاه جديد كان قد بدأت بذوره في عصور الأندلس السابقة. أ عزى البعض ظهور ذلك الشعر في الأندلس لما حباها الله من طبيعة خلابة وهذا بموجب قول ابن خفاجة.

    يَأَهلَ أَندَلُسٍ لِلَّهِ دَرُّكُمُ

    ماءٌ وَظِلٌّ وَأَنهارٌ وَأَشجارُ

    ما جَنَّةُ الخُلدِ إِلّا في دِيارِكُمُ

    وَلَو تَخَيَّرتُ هَذا كُنتُ أَختارُ

    لاتَخشوا بَعدَ ذا أَن تَدخُلوا سَقراً

    فَلَيسَ تُدخَلُ بَعدَ الجَنَّةِ النارُ

    فنجدهم خاضوا في توظيف الطبيعة للتعبير عن لوحة كأنه يقف أمامها فنجد ابن خفاجة يقول:
    عاثت بساحتك الظبا يا دار ... ومحا محاسنك البلى والنار
    فإذا تردد في جنابك ناظر ... طال اعتبار فيك واستعبار
    أرض تقاذفت النوى بقطينها ... وتمخضت بخرابها الأقدار
    فجعلت أنشد خير سادة أهلها ... لا أنت أنت ولا الديار ديار
    مما لوحظ على هذا النوع الشعري أنه اتجاه فني قصيدته قصيرة ومن ذلك يقول:
    غصبوا الصباح فقسموه خدودا ... وتناهبوا قضب الأراك قدودا
    وتظافروا بظفائر أبدت لنا ... ضوء النهار بليلها معقودا
    صاغو الثغور من الأقاح وبينها ... ماء الحياة قد اغتدى مورودا
    وراوا حصى الياقوت دون نحورهم ... فتقلد وأشهب النجوم عقودا
    واستودعوا حدق المها أجفانهم ... فسوا بهن ضراغماً واسودا
    لم يكفهم خد الأسنة والقنا ... حتى استعاروا أعيناً ونهودا


    ويقول في وصف ساعة الأصيل:
    انظُر إلى لَونِ الأصيلِ كأنّه
    لا شَكَّ لونُ مُودِّعٍ لفِراقِ
     الشمسُ من شفقِ المغيبِ كأنها
    قد خمشتْ خداً من الإشفاقِ
    لاقتْ بحمرتها الخليجَ فألفا
    خجلَ الصبا ومدامعَ العشاقِ
    سقَطَتْ أوانَ غُروبِها محمرَّة ً
    كالكأسِ خرتْ من أناملِ ساقِ


    فكما نرى من توظيف للطبيعة في الأخيلة والصور ثم اتخاذ الطبيعة موضوعاً للقصيدة.

    Unknown
    @مرسلة بواسطة
    كاتب لدى موقع أندلسية .