-->

Translate

عصر الخلافة في الأندلس

عصر الخلافة في الأندلس

     
    رسم تخيلي للخليفة الأموي الأندلسي عبد الرحمن الناصر

    في عام 300 هجريًّا عندما تولى الأمير عبد الرحمن بن محمد الحكم كانت البلاد في أضعف ما يكون، فلم تكن السلطة المركزية تحكم سيطرتها إلا على قرطبة وما حولها، ومنها بدأ عبد الرحمن بن محمد يحيل الضعف الدولة إلى قوة.


    ما قبل الخلافة


    أول ما فعله عبد الرحمن بن محمد بعزل من لا يصلح لمنصبه وتعيين ذوي الكفاءة والمقدرة وحسن السيرة، ثم أعلى من قدر العلماء وجعل منزلتهم أعلى من منزلته، واجتهد في تطبيق بنود الشريعة على نفسه أولًا قبل أن يطبقها على العامة حتى استقام له الشأن الداخلي في قرطبة وصلح.

    ثم بدأ بعد ذلك نحو المدن الأخرى بحملات عسكرية لإخماد الثورات والتمردات، فأرسل حملة بعد شهر من توليه الحكم بقيادة عباس بن عبد العزيز القرشي إلى قلعة رباح التي ثار فيها أحد زعماء البربر يدعى الفتح بن موسى مع حليفه "أرذبلش" فنجحت الحملة وسيطر على قلعة رباح وما حولها، ثم أرسل سرية أخرى إلى الغرب فاستردت مدينة "إستجة".

    ثم خرج بنفسه في حملة ضد عمر بن حفصون الذي تنصر وسمى نفسه "صمويل" واستمرت الحملة ثلاثة أشهر هي شعبان ورمضان وشوال من عام 300 هجريًّا، استرد فيها عبد الرحمن بن محمد مدينة "جيان" وسبعين حصنًا آخر، ولكن ظلت قوة ابن حفصون كبيرة، فالإمدادات تأتيه من الممالك المسيحية الشمالية ومن الفاطميين في المغرب ومن حاكم إشبيلية الذي تمرد على الأمويين.

    وفي عام 301 هجريًّا اتجه عبد الرحمن بن محمد إلى إشبيلية وضمها إليه وانضم جيشها المسلم إلى جيشه فاتجه إلى ابن حفصون مرة أخرى فاسترد مدينة "رندة" و"شذونة" و"قرمونة" ثم اتجه إلى مضيق جبل طارق فوجد سفنًا فاطمية تحمل إمدادات إلى ابن حفصون فحرقها وقطع الطريق على السفن الآتية بالإمدادات من الممالك المسيحية الشمالية، فلم يجد ابن حفصون مفرًّا من طلب المصالحة، فوافق عبد الرحمن وأخذ منه 162 حصنًا وتم الصلح عام 303 هجريًّا.

    وفي عام 304 هـجريًّا بعث الأمير قائده أحمد بن محمد بن أبي عبدة في جيش إلى الشمال لمهاجمة أراضي مملكة ليون، وعاد منها محملًا بالسبي والغنائم، وفي العام التالي رد "أردونيو الثاني" ملك "ليون" الهجوم عندما هاجم المناطق الشمالية من أراضي المسلمين، فاستجار أهل تلك المنطقة بالأمير، فأنجدهم بجيش كبير يقوده قائده ابن أبي عبدة معظم جنوده من البربر والمرتزقة الذين لا يمكن الوثوق في ولائهم، فحشد لهم أردونيو جيشًا كبيرًا واجههم به عند قلعة "شنت إشتيبن" في 14 ربيع الآخر من عام 305 هـجريًّا، ومع هجوم جيش أردونيو على جيش المسلمين اختلت صفوف المسلمين بعدما فر جند المرتزقة الذين كانوا يشكلون جزءً كبيرًا من الجيش مما تسبب في إلحاق هزيمة كبيرة بجيش المسلمين في تلك المعركة قُتل فيها القائد أحمد بن محمد بن أبي عبدة نفسه.

    ومع نهاية نفس العام تحالف "أردونيو الثاني" ملك ليون مع "سانشو الأول" ملك نافار للهجوم على أراضي المسلمين، فبعث الأمير جيشًا قويًّا بقيادة حاجبه بدر بن أحمد ليجاهد بهم جيش التحالف المسيحي، وأنضم لجيش الحاجب العديد من المتطوعين الراغبين في الجهاد، وخرج جيش الحاجب بدر من قرطبة في المحرم من عام 306 هـجريًّا والتقى في ربيع الأول بجيش المسيحيين على حدود مملكة ليون ودارت بين الفريقين معركة عظيمة انتهت بنصر كبير لجيش المسلمين.

    وفي العام نفسه مات ابن حفصون مرتدًا على نصرانيته فانحاز بعض أولاده إلى عبد الرحمن بن محمد، وسار بعضهم الآخر على نهج أبيهم في التمرد.

    وبعد عدة أشهر، عادت الممالك المسيحية وهاجمت أراضي المسلمين، فخرج عبد الرحمن بنفسه في المحرم من سنة 308 هـجريًّا متجهًا إلى قشتالة، وعبر نهر دويرة وهاجم مدينة وخشمة وقلعة إشتيبن وقلونية ودمرها جميعًا، بعد ذلك، توجه بجيشه لنجدة مدينة تطيلة التي كانت تتعرض لهجمات الممالك المسيحية، وظلّ عبد الرحمن يكتسح المدن والقلاع حتى عبر نهر أبرة، واشتبك لجيشه مع جيش سانشو ملك نافار، واستطاع عبد الرحمن أن يهزم جيشها، فاضطر سانشو إلى الفرار إلى الجبال وأرسل إلى أردونيو الثاني ملك ليون يطلب منه أن يساعده على قتال المسلمين، فخرج أردونيو بجيشه لمعاضدة جيش نافار.

    استغل ملكا نافار وليون مرور جيش المسلمين في منطقة جبلية وهاجما مؤخرة الجيش الإسلامي وألحقا به بعض الخسائر، حينئذ أمر عبد الرحمن جيشه بالإسراع في الخروج من تلك المنطقة إلى المنطقة السهلية المجاورة، فطمع الملكان المسيحيان في تحقيق نصر كبير على جيش المسلمين بعدما وجدوا أن جيش المسلمين قد عسكر في منطقة سهلية مفتوحة يسهل مهاجمتها، وفي 6 ربيع الأول من عام 308 هـجريًّا هاجمت جيوش المسيحيون معسكر جيش المسلمين، إلا أن الرياح لم تأت بما تشتهي السفن، فهزم جيوش المسيحيين هزيمة ساحقة في معركة عرفت بمعركة "خونكيرا".

    وبعد عامين، هاجم أردونيو مدينة ناجرة واستولى عليها، كما هاجم سانشو مدينة بقيرة واستولى أيضًا عليها، بل وقتل زعماء المدينة.

     غضب عبد الرحمن حين علم بذلك، وسيّر جيشًا بقيادة وزيره عبد الحميد بن بسيل إلى مملكة نافار حيث اشتبك مع جيش سانشو وألحق به عدة هزائم، واستولى ابن بسيل على تطيلة.

    ثم خرج عبد الرحمن بنفسه في المحرم من عام 312 هـجريًّا إلى نافار في جيش عرمرم، فوقع الرعب في قلوب أعدائه، وأخلوا معظم الحصون التي في طريقه، فأمر عبد الرحمن بهدم وحرق تلك الحصون، ثم زحف بجيشه على بنبلونة عاصمة نافار، فحاول جيش نافار محاولة يائسة أن يوقف ذلك الجيش القوي، لكن دون جدوى، فدخل عبد الرحمن المدينة ودمرها ثأرًا لأهل بقيرة.

     عاد سانشو محاولًا مواجهة عبد الرحمن وجيشه، إلا أن عبد الرحمن هزمه في موقعتين أُخريين، ثم عاد بجيشه إلى قرطبة محملًا بالغنائم مكللًا بالنصر.

    ثم في عام 316 هجريًّا استرد الأمير عبد الرحمن آخر الحصون التي تحت أيدي أبناء ابن حفصون المتمردين.


    إعلان الخلافة


    في هذه الأثناء كان عبد الرحمن بن محمد أدرك المخاطر الخارجية المحطية بالأندلس من ناحية الممالك الشمالية المسيحية، والمخاطر المحيطة بسلطة الأمويين في ظل انحصار الخلافة العباسية في بغداد في يد بعض الوزراء وظهور الخلافة الفاطمية الشيعية في المغرب وندائها بأن يدخل المسلمون تحت طاعتها بصفتها الخلافة الفعلية في العالم الإسلامي، وهذا يهدد المذهب السني في الأندلس أيضًا.

    رأى عبد الرحمن بن محمد أنه لا بد من إعلان الخلافة الأموية في الأندلس ليلتف حولها المسلمون ويدافعون عنها، وأن الدولة الأموية أحق بالخلافة من الدولة الفاطمية الدخيلة.

    وفي يوم الجمعة الثاني من ذي الحجة من عام 316 هـجريًّا أمر عبد الرحمن بأن يُخاطب بصفة رسمية بلقب أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر لدين الله القائم بأمر الله ثم اقتصر على الناصر لدين الله، ودعا له القاضي أحمد بن أحمد بن بقي بن مخلد على منبر المسجد الجامع في قرطبة بذلك، وأمر عبد الرحمن ولاته وقادته في المدن والكور بأن يعلنون ذلك المرسوم، ومنذ ذاك الحين ضربت ألقاب الخلافة على النقود.

    وفي ذلك العصر ازدهرت الأندلس سياسيًّا ومعماريًّا واقتصاديًّا وعمليًّا وعسكريًّا.


    مراحل الخلافة الأموية في الأندلس


    1- الخلافة الفعلية من 316 هـ إلى 366 هـ.

    ويعد هذا هو العصر الذهبي للأندلس؛ استعادت البلاد فيه وحدتها السياسية وقوتها العسكرية، وحازت التقدم والرقي والرفعة الحضارية، إلى جانب السبق العلمي المجيد الفريد، واقتران ذلك كله بالسيادة والعزة والتمكن، مما جعلها أكبر قوة حضارية، يقصدها الناس بتنوع الأهداف لأنفسهم ينهلون ويتزودون ويتعلمون، وهي في ذلك شامخة بارعة منيرة الأكناف.

     

    2- الحجابة العامرية من 366 هـ  إلى 399 هـ.

    في هذا العصر سيطر الحاجب المنصور بن أبي عامر على مقاليد الحكم في البلاد وأصبح هو الحاكم الفعلي، وبات الخليفة حاكمًا صوريًّا ليس له دخل في حكم البلاد.

    سارت الأندلس في هذا العصر على نهج الخليفتين عبد الرحمن الناصر وابنه الحكم المستنصر في الحركة السياسية والاقتصادية والعسكرية والعلمية.

    فقد أظهر المنصور مقدرة كافية ممتازة فى جميع المناصب التي تولاها وشهدت البلاد فى زمنه أمنًا واستقرارًا وطمأنينة لم تعرفها قبله، وفي زمنه لم تعرف البلاد الثورات مقارنًا بغيره، وازدهرت الصناعة والتجارة والزراعة، وارتقت العلوم والآداب، وامتلأت خزائن قرطبة بالمال حتى وصلت الإيرادات إلى نحو أربعة ملايين دينار، بخلاف الموارد من المواريث ومال السبي والغنائم، وقد عاون المنصور مجموعة من الكتاب والوزراء فى هذا العصر من أبرزهم: "أبو مروان عبدالملك بن شهيد" و"محمد بن جهور" و"أحمد بن سعيد بن حزم" و"خلف بن حسين بن حيان" ومن الكتاب "سعيد بن القطاع" وغيره من أبناء الأسر العريقة التى تعاقب أبناؤها على الوزارة.

    وتميز المنصور بأنه كان شغوفًا بالعلم والأدب، محبا للعلماء والأدباء والشعراء ويناظرهم ويشترك معهم فى نظم الشعر ويغدق عليهم، ساعده على ذلك نشأته فى بيت علم وأدب، وبراعته فى علوم الشريعة وفنون الأدب خلال فترة صباه، فحرص على نشر العلم والمعرفة بين طبقات الشعب، فأنشأ كثيرًا من دور العلم فى قرطبة وأنفق عليها، وكان يزور المساجد والمدارس، ويمنح المكافآت للمتفوقين من الطلاب، كما حرص على جمع الكتب ومكافأة أصحابها، وقد منح "صاعد البغدادي" 500 دينار مكافأة له على كتابه "الفصوص"، ولكنه كان يكره الفلسفة، ويرى أنها مخالفة للدين كما كان يبغض التنجيم ويطارد المنجمين، وقد استخرج من المكتبة الأموية جميع كتب الفلاسفة والدهريين وأحرقها بحضرة كبار العلماء، وما فعله أمر خطير تسبب فى ضياع ثروة علمية عظيمة.

    أعطى المنصور اهتمامًا كبيرًا للجيش، فعنى بتنظيمه، واستقدم قوات تعد بالألوف من المرتزقة من قبائل زناتة وصنهاجة وغيرهما من البربر ومن الجند النصارى، وكون من هؤلاء جميعًا جيشًا ضخمًا ضمن ولاءه له بجوده ووفرة عطاياه، واشتهر المنصور بكثرة غزواته على الممالك الشمالية ويتحدث عنها ابن خلدون فيقول:

    "غزا ابن أبى عامر اثنتين وخمسين غزوة فى سائر أيام ملكه، لم ينكسر له فيها راية ولا فل له جيش ولا أصيب له بعث ولا هلكت له سرية".

    وشهد المؤرخون القدماء للمنصور بالكرم، وبأنه كان يبذل الأموال للمتصلين به والفقراء خاصة، وعلى رغم من سفكه للدماء فقد كان يتظاهر بالتقوى حريصًا في كل غزواته على حمل مصحف خطه بيده، ويقال إنه كان منصفًا يزجر الظالم حتى لو كان من كبار حاشيته، وكان صبورًا حليمًا، ولكنهم يأخذون عليه شغفه بمعاقرة الخمر، ولم يتخل عن ذلك إلا قبل وفاته بعامين.

    وبعد موت المنصور تولى ابنه عبد الملك التزم الأسلوب الذى كان يحكم به والده الأندلس فجعل الخليفة محجورًا عليه لاحول له ولاقوة.

    وجمع السلطات كلها فى يديه، وحدَّ من نفوذ الوزراء والكتاب وراقبهم وحاسبهم، وجلس للناس وهجر اللهو، وعمل على تنمية الموارد وترتب على هذا تحسن فى الأحوال المالية التى كانت قد ساءت بسبب كثرة النفقات.

    ولم يكن لعبد الملك نصيب كبير فى مجالات العلم والأدب وكان مجلسه لا يقوم إلا على الأعاجم من البربر وغيرهم، ومع ذلك فقد استمر يجرى الرواتب التى كان أبوه يجريها على العلماء والأدباء والندماء، كما استمع إلى الشعر ووصل الشعراء.

    3- فترة الفتنة من 399 هــ إلى 422 هــ.

    في عام 399 هجريًّا عندما تولى الحجابة عبد الرحمن شنجول الابن الثاني للمنصور بن أبي عامر استصدر من الخليفة مرسومًا له بولاية العهد لتنتقل الخلافة من البيت الأموي إلى البيت العامري ولقب نفسه بالمأمون، وأجبر الناس على خلع العمامة الأندلسية وارتداء العمامة البربرية، وعين ابنه الصغير حاجبًا ولقبه بسيف الدولة، وهذا ما جعل الجميع يسخط عليه ويفكرون في التخطيط للثورة عليه.

    وكان السبب الرئيسي للثورة هو استبداد بنى عامر وقهرهم للناس استنادًا إلى قوة قوامها البربر والصقالبة، ثم كانت ولاية شنجول للعهد واستئثاره برسوم الخلافة والحكم هى الشرارة التى انتقلت منها نيران الثورة إلى كل العناصر الناقمة، وعلى رأسهم بنو أمية، وكان المخطط للثورة والمتابع لمراحل تنفيذها "الزلفاء" والدة عبد الملك أخي شنجول غير الشقيق -التي اعتقدت أن «شنجول» سمَّ ابنها- ثم فتى أموي اسمه "محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر" كان عبد الملك قد أعدم أباه.

    فكر عبد الرحمن شنجول أن يشغل الناس بالغزو، فقرر أن يتوجه إلى جليقية رغم تحذيره من سوء الأحوال الجوية، ومن انقلاب قد يقوم به المروانية ضده، لكنه صمم وسار بالجيش نحو طليطلة، ومنها إلى جليقية وسط أمطار وبرد شديدين وكان يمارس هوايته فى اللهو والشراب، وقد اخترق مملكة ليون قبل أن يصل إلى جليقية، فتحصن الأعداء برءوس الجبال، ولم يجد سبيلًا إلى مقاتلتهم بسبب كثرة الثلوج وفيضان الأنهار، فاضطر إلى أن يعود دون أن يفعل شيئًا.

    وفى يوم 16 من جمادى الأولى 299 هـجريًّا جاءت الأنباء بأن شنجول عبر بجيشه إلى أرض النصارى، فقام محمد بن هشام بإنزال ضربته، وهجم على قصر قرطبة وقتل صاحب المدينة، والتف حوله الساخطون، ثم اقتحم سجن العامرية وأخرج من فيه، واجتمع حوله المروانية وانضم إليه الناس من كل حدب وصوب، وبعد أن سيطر ابن عبد الجبار على القصر واستولى على كل ما فيه من سلاح وغيره، طلب من الخليفة هشام أن يخلع نفسه فوافق، وانتهت بذلك خلافته الصورية التى دامت 33 سنة وتولى الأمر «محمد بن هشام بن عبدالجبار» وتلقب بالمهدي في 17 من جمادى الآخرة 399 هـجريًّا وجاءه الناس مهنئين، وما شعروا أن تلك هي بداية الفتنة التي ستطيح ليس بالدولة العامرية وحدها بل وبالخلافة بكل ما تمثله.

    وفي اليوم التالي قام الثائرون بهدم مدينة الزاهرة وقصورها، وأحست الحامية المنوط بها الدفاع عنها أن المقاومة غير مجدية ففتحوا أبواب المدينة شريطة أن يؤمنهم المهدي، وتم نهب القصور والاستيلاء على كل ما كان فيها من متاع وجواهر، ولم يكتف المهدي بذلك وإنما قام بهدم كل مباني مدينة الزاهرة وأسوارها بعد أن استولى على كل ما فيها من خزائن وأموال وتحف حرصًا منه على إزالة كل آثار بنى عامر، وأصبحت المدينة أطلالًا، وتحولت إلى أثر بعد عين.

    وعند وصول شنجول إلى طليطلة جاءته الأنباء تفيد أن انقلابًا قد حدث فى قرطبة وأن الثوار استولوا على مدينة الزاهرة فاضطربت صفوفهم، واضطر شنجول إلى أن يعود عن طريق قلعة رباح، ولم يلتفت إلى نصح من طلب منه البقاء فى طليطلة، لاعتقاده أن الناس سترحب به إذا رأوه يقترب من قرطبة.

    وكانت تلك الثورة بداية مرحلة من الفتن والفوضى الشاملة التي أنهت وجود الحكومة المركزية، وقضت على الخلافة الإسلامية، ومزَّقت الأمة وجعلتها أشلاء متناثرة.

    ولم يكن محمد بن هشام بن عبد الجبار شخصًا مناسبًا لهذه الفترة، إذ كان قليل التفكير لا يعرف شيئًا عن الدولة وشئونها أحاط نفسه بطائفة على شاكلته لا تحسن غير النهب والسرقة ولم يكن يحركهم إلا شيء واحد هو الانتقام من العامريين، وإهانة البربر، عقابًا لهم على تأييدهم بنى عامر، وتعاقب الأمراء المتنافسون على السلطة في ظل ضعف الدولة وتفككها.


    سقوط الخلافة في الأندلس

    ظل هذا الصراع دائرًا بين الأمراء الأمويين وبعض البربر، وفي عام 420 هـ استوزر آخر خلفاء بني أمية المعتد بالله رجلًا يـُعرف بحكم بن سعيد القزاز وكان هذا الوزير نذير شؤم على المعتد بالله، إذ كان مكروهًا من أهل قرطبة لاستبداده برأيه وتعسفه بأحكامه، ومخالفته لآراء الوزراء السابقين، كما أنه كان ميالًا إلى البربر، فقد أكرمهم وأجزل لهم العطاء، فقام كبار رجال قرطبة بقتله.

    فانتهز الأمير أمية بن عبد الرحمن بن هشام بن سليمان فرصة قتل الوزير، ليحرض العامة على المعتد بالله سعيًا لإسقاطه، وتولي الخلافة، وثار وراءه بنو أمية، وحاصروا قصر الخلافة في 12 ذو الحجة سنة 422 هـجريًّا وأخرج المعتد بالله من قصره هو ونساؤه وأبناؤه، وأنزل إلى ساباط المسجد الجامع المؤدي إلى المقصورة، وظل هناك أسيرًا ذليلًا، يترقب الموت في كل لحظة.

    ولكن أمية بن عبد الرحمن لم يبلغ غايته في الوصول إلى الخلافة فقرر أهل قرطبة إخراج أمية مع المعتد بالله عن قرطبة مع أن أمية كان حريصًا على الظفر بالخلافة ولم يخطر بباله أن تنتهي الأمور إلى هذا الحال، إذ إن أحدًا من أهل قرطبة قال له: إن السعادة قد ولت عنكم، فقال أمية: بايعوني اليوم، واقتلوني غدًا.

    وهكذا انتهى حكم بني أمية في الأندلس ليبدأ عصر ملوك الطوائف.



    خلفاء الأندلس

    1- عبد الرحمن بن محمد  (الناصر/الثالث)              

    من 300هـ حتى 350 هـ.


    2- الحكم بن عبد الرحمن (المستنصر)                    

    من 350هـ حتى 366 هـ.


    3- هشام بن الحكم  (المؤيد)                  

    فترة أولى من 366هـ حتى 399 هـ.


    4- محمد المهدي                                   

    فترة أولى من 399هـ حتى 400 هـ.


    5- سليمان المستعين                               

    فترة أولى عدة شهور عام 400 هـ. 


    6- محمد المهدي                                  

    فترة ثانية أربعة شهور عام 400 هـ.


    7- هشام بن الحكم (المؤيد)                    

    فترة ثانية  من 400 هـ حتى 403 هـ.


    8- سليمان المستعين                              

    فترة ثانية من 403 هـ حتى 407هـ.


    9- علي بن حمود (ليس أمويًّا)                              

    من 407 هـ حتى 408 هـ.


    10- القاسم بن حمود (ليس أمويًّا)           

    فترة أولى من 408 هـ حتى 412 هـ.


    11- يحيى بن علي بن حمود (ليس أمويًّا) 

    فترة أولى من 412 هـ حتى 413 هـ.


    12- القاسم بن حمود (ليس أمويًّا)           

    فترة ثانية من 413 هـ حتى 414 هـ.


    13- عبد الرحمن المستظهر بالله                           

    عدة شهور عام 414 هـ.


    14- محمد المستكفي بالله                                   

    من 414 هـ حتى 416 هـ.


    15- يحيى بن علي بن حمود (ليس أمويًّا) 

    فترة ثانية من 416 هـ حتى 417 هـ.


    16- هشام المعتد بالله                                        

    من 418 هـ حتى 422 هـ.


    ---
    المصادر:
    كتاب قصة الأندلس لراغب السرجاني.
    موقع الموسوعة الإسلامية الموثقة.
    موقع المعرفة.
    موقع ويكيبيديا.








    حازم غيث
    @مرسلة بواسطة
    كاتب لدى موقع أندلسية .